كانت «الوثائقيات التونسية : ما بعد 14 جانفي» هي موضوع الورشة الأولى للسينما التي نظمها نادي الشباب المتوسطي، وهو آلية من آليات جمعية الثقافة والفنون المتوسطية، بالتعاون مع نادي السينما بالمركب الثقافي بالمنستير. امتدت الورشة على يومي 6 و10 ماي 2012 بأحد نزل مدينة المنستير.
تناول اليوم الأول « وثائقيات الهواة» بعرض ثلاثة أفلام قصيرة لكل من عامر سلوني وجيلاني خذر في «ذاكرة رجل مسن» وعدنان المؤدب في «على الطريق» وأمين عيسى مع فيلم «الطريق». وقد تلى العروض نقاش مفتوح لاحظ من خلاله المتدخلون الاختيار الموفق لهذه الأفلام من طرف الهيئة المنظمة من خلال التسلسل الزمني لمختلف الفترات التاريخية التي مرت بها تونس. فكان فيلم «ذاكرة رجل مسن» شهادة يؤرخها أحد المناضلين في وجه الاستعمار الفرنسي في تلك الفترة وصولاً إلى فترة ما بين الاستقلالين الداخلي ثم التام التي شهدت تباين التصورات بين البورقيبين واليوسفين حول أولويات تلك المرحلة بين الاكتفاء بالاستقلال الداخلي واعتماد سياسة المراحل في تحقيق الاستقلال الكلي من جهة وبين ضرورة الحصول على الاستقلال الكامل من جهة اخرى والذي كان للشارع انذاك الكلمة في الحسم النهائي في هذه المسألة بالضغط على الرئيس بورقيبة والذي توج بالحصول عليه بعد ستة أشهر من إعلان الاستقلال الداخلي. أما فيلم «على الطريق» فقد اهتم بالوضع في تونس بعد 14 جانفي من خلال الحراك الذي شهده الشارع التونسي من صدامات عنيفة بين رجال الأمن والشباب الثائر مروراً باعتصام القصبة 2 وحالة الفوضى والانفلات الأمني التي سادت البلاد. وكانت خاتمة العروض فيلم «الطريق» الذي صور طريق رحلة المساعدات التي كانت تتجه من تونس نحو ليبيا أثناء ثورتها. كما أبرز الفيلم التضامن التلقائي لمختلف شرائح المجتمع التونسي والوقوف إلى جانب الأشقاء الليبيين بعيداً عن أي حسابات سياسية أو مصالح.
النقاش لم يقتصر على الجانب التاريخي ليشمل أيضاً التقنيات السينمائية المعتمدة بما في ذلك الكتابة السينمائية وما لها من دور في دعم الأفكار التي يسعى المخرج إلى إيصالها إلى المشاهد ولو أن ذلك لا يمنع من الاختلاف في القراءات الذي يبقى ضرورياً من أجل تكامل الرؤى والأفكار. لذلك فإن اللقاءات الثقافية وتبادل الأفكار ضرورة خاصةً في هذه المرحلة التي تشهد التشنج والتوتر وتصل أحيانا إلى العنف بجميع أنواعه في غياب الحوار في مختلف المسائل ومنها المشهد الثقافي الذي يواجه مظاهر كل من التضييق من جهة ومحاولات تمييعه من جهة أخرى.
أما اليوم الثاني الذي كان تحت عنوان «وثائقيات الثورة التونسية» فقد عرف حضورا محترما لعرض فيلم « mon 14» الذي حاول فريق عمله الإلمام بمختلف أطوار الأحداث التي شهدتها مختلف الولايات منذ 17 ديسمبر إلى ما بعد 14 جانفي وبالرغم من أن البعض من المشاركين رأى أنه لم يتطرق الفيلم إلى بعض الأحداث المهمة كالوقوف يوم 14 جانفي أمام وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة فإن هذا التوثيق تميز بوجود شهادات لأناس لم يكونوا محل اهتمام وسائل الإعلام ولكن كانوا من الذين ساهموا من قريب أو من بعيد في هذه الثورة من مواقعهم البسيطة. ولعل حضور منسقة الفيلم إيمان الصفاقسي ساعد في الإجابة عن تساؤلات المتدخلين في النقاش حول حيثيات التصوير وغيرها من تفاصيل العمل والإعداد للفيلم. تجدر الإشارة إلى أن هذه الورشة وإن كان التنظيم والإعداد لها شبابيا، فإن «الحضور كان لقاءً لجيلين أثرى النقاش وجعله يتطرق إلى ما طرحته الأفلام من عديد الجوانب».
جريدة الشروق
بقلم أحمد بن حفصة
السبت 19 ماي 2012
بقلم أحمد بن حفصة
السبت 19 ماي 2012
جريدة الشروق بقلم أحمد بن حفصة السبت 19 ماي 2012 |
النقاش لم يقتصر على الجانب التاريخي ليشمل أيضاً التقنيات السينمائية المعتمدة بما في ذلك الكتابة السينمائية وما لها من دور في دعم الأفكار التي يسعى المخرج إلى إيصالها إلى المشاهد ولو أن ذلك لا يمنع من الاختلاف في القراءات الذي يبقى ضرورياً من أجل تكامل الرؤى والأفكار. لذلك فإن اللقاءات الثقافية وتبادل الأفكار ضرورة خاصةً في هذه المرحلة التي تشهد التشنج والتوتر وتصل أحيانا إلى العنف بجميع أنواعه في غياب الحوار في مختلف المسائل ومنها المشهد الثقافي الذي يواجه مظاهر كل من التضييق من جهة ومحاولات تمييعه من جهة أخرى.
أما اليوم الثاني الذي كان تحت عنوان «وثائقيات الثورة التونسية» فقد عرف حضورا محترما لعرض فيلم « mon 14» الذي حاول فريق عمله الإلمام بمختلف أطوار الأحداث التي شهدتها مختلف الولايات منذ 17 ديسمبر إلى ما بعد 14 جانفي وبالرغم من أن البعض من المشاركين رأى أنه لم يتطرق الفيلم إلى بعض الأحداث المهمة كالوقوف يوم 14 جانفي أمام وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة فإن هذا التوثيق تميز بوجود شهادات لأناس لم يكونوا محل اهتمام وسائل الإعلام ولكن كانوا من الذين ساهموا من قريب أو من بعيد في هذه الثورة من مواقعهم البسيطة. ولعل حضور منسقة الفيلم إيمان الصفاقسي ساعد في الإجابة عن تساؤلات المتدخلين في النقاش حول حيثيات التصوير وغيرها من تفاصيل العمل والإعداد للفيلم. تجدر الإشارة إلى أن هذه الورشة وإن كان التنظيم والإعداد لها شبابيا، فإن «الحضور كان لقاءً لجيلين أثرى النقاش وجعله يتطرق إلى ما طرحته الأفلام من عديد الجوانب».
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire